مسخّن جدتي

لا أقدر على الجلوس معك في هذه المرحلة، أحتاج وسيطاً صبوراً ومحبّاً لكلينا ـ مثل ( ميتشل) ـ لتشذيب جسد العاطفة وترتيب فوضى الطريق؛ لئلا نتعثر معاً بمفاجآت، مثل عدم تصديقنا أن الورد يمكن أن ينمو في حديقة الهواء.
تغضب مني أمي لو جلسنا معاً الآن، أحتاجك لأقنع أمي ببعض المبادرات، مثل أن تعترف مثلاً بحق والدها ـ جدي حسن ـ في الحلم بحفر بئر جديدة هناك أو زيارة يافا بدراجته الهوائية مع أترابه الشباب، أو الاطمئنان إلى حقل البطيخ ليلاً، احتراساً من هجمات الضباع، أو عد حبات برتقال بيارته البعيدة، هل أنت مستعد لذلك؟.
تخيفني رغبتك المستعجلة في الرقص معي، يشبه ذلك أن يتحمّس ثعلب للرقص مع عصفور الدوري قبل أن ينظف فمه من بقايا قدمه التي افترسها أمس، المسألة ذوقية بالأساس.
ما الذي تريده مني؟ أخبرني فقط، هل تريد أن أعترف بألم أسنانك الدائم؟ وما ذنبي أنا به؟ لست حتى طبيبة أسنان، ولست من حطم وجهك في معركة ضياعك وبقائك التي لا دخل لي فيها، لم أكن ولدت أصلاً حينها.
تريد أن تصافحني وتقبلني أمام عائلتي وأصدقائي والحارة كلها؟ وماذا سأقول لهم حين يرون ـ بأم ألمهم ـ الرضوض حول عيني؟ كيف ستنظر مبتسماً في وجهٍ لكمتـَه البارحة لسبب مضحك هو أني تحدثت بافتخار عن طريقة جدتي عايشة في صنع المسخن الشهي؟.
حسناً سأجلس معك، بشكل مباشر وجهاً لوجه، مللت من دقات التشجيع الغاضبة على زجاج نافذتي، من قبل أياد يحرجها بعدنا عن بعضنا بعـضاً، أعرف أني مهزومة، وأني جريحة وخائفة، وأن لا خيار أمامي غير ذلك، لكنني لست ضعيفة ما دمت أهز في يدي أساور ذهب ذاكرتي، لن أعترف أبداً بألم أسنانك الدائم حتى ولو تساقطت أسنانك كلها تحت قدمي، قبل أن تنحني أمام دم ذاكرتي، سأبتسم فقط لأريك نصاعة وقوة أسناني، وخلوها من آثار دم أو ريش، لن أمنحك الحق في اللعب بشعري، قبل أن تطهِّر أظافرك من آثام لحمي، قبل أن تعترف أنت بعبقرية مسخن جدتي وبحق أمي في غناء حزنها العتيق ( سفر دولة).

0 التعليقات:

إرسال تعليق