ضرورة أن توجد هذه الـمرأة- ضرورة أن يوجد هذا الكاتب


عليها أن تكون ليكون، هذا الإنسان الفريد من روحه، والـمضرّج بالجراح واللعنات والـمنفى، عليها أن توجد هذه الـمرأة في حياة كل كاتب، لا إمكانية لعدم وجودها، تماماً كما على هذا الكاتب أن يوجد من أجلها، لا سبيل لعدم وجوده، ليكون ولتكون، عليها أن تفهم أنه شيطان يائس حزين، عليه أن يفهم أنها متطلبة بريئة وشقية، على الاثنين أن يفهما أنهما اختيرا من قبل قوى كونية خفية ليكونا الشاهدين على ميلاد تنين نبيذي اسمه الفنون. على العالـم أن يفهم أنهما حبيبا الحياة والفنون؛ إذ بغير قصتهما النازفة لا وجود لفنون، الفنون لا تزدهر ولا تتنفس إلاّ في وحول الاضطراب والانكسار والارتباك، على الناس الرائعين الـمتألـمين من أجل دموع وحظ السيدة الـمركزية الكبرى أن يوجدوا لتكون هي ويكون هو، عليهم أن يحرضوها على تركه، عليه أن يغضب، لأن تركها له يعني ترك الوتر للعازف في لحظة انفجار موسيقي شامل، عليها أن تسخر منهم، عليها أن تبكي وتعبّر عن عجزها عن تبرير حبها له، فالحب مثل الـموسيقى والأطفال والشجر لا تبرير لسحرهم.
عليه أن يلهث خلف كل لـمعان ابتسامة من امرأة تمر على شباك عينيه، عليها أن يجن جنونها، عليه أن يعتذر ويبكي وينهار ويندم ويقعد على عتبة الباب في البرد والظلام منتظراً أن تصفح عنه، عليها أن تفعل ذلك في النهاية، عليها ألاّ تعرف لـماذا صفحت عنه، عليه أن يتراجع عن ندمه أمام لـمعان جديد لسحر جديد من امرأة أخرى تمر، عليها أن تعترف أنها تعبت، وملت ولكن عليها، أيضاً، أن تعرف أنه لا إمكانية لترك هذا الجرح الشهي والراقص والـمفتوح أبداً أبداً. وعليه أن يعرف أن حياته دون هذه الـمرأة الـمنتظرة الغاضبة الـمتقلبة على نار مغامراته، هي أجمل وأدفأ حرائقه، عليها أن تفهم أنه لعنتها وخطؤها الـمبهر ونافذتها العسلية وطفلها الذي لا يكف عن الجوع، عليه أن يفهم أنها ملجؤه ومتكأ دموعه ومربط بحر قلبه ومصب أنهار أسئلته، عليها أن تفهم أنه سؤال كبير يتطلب أجوبة كبرى لا وجود لها في جماليات ثنائية الحب والكتابة، عليه أن يعرف أنها متاهة برونزية تتطلب خيوط (أريان) التي لا وجود لها في دنيا شبق الفن والأحلام، على أولئك الذين يحرضونها على تركه أن يعرفوا، كم هم ضروريون ليكتمل سؤال الـمتاهة، متاهة ظاهرة غير مفهومة يطلق عليها اسم الحياة، متاهة لا يعبر إليها إلا عبر الفنون أغرب الوسطاء وأطيب الأنبياء.

0 التعليقات:

إرسال تعليق