قصة البحث عن المرأة الجديدة

قصة البحث عن المرأة الجديدةفي فترة معتمة من فترات حياتي، سيطر عليّ هوس البحث عن المرأة الجديدة، المرأة غير العادية، تلك الموجودة في مكان ما في هذا العالم، التي تنتظرني لأكتشفها، أقبض عليها، وأمتلكها كما أمتلك جهاز حاسوب، أو محفظة جلدية غالية الثمن، إنها امرأة خاصة تدخن في الشارع، وتتحرك بسرعة وتضحك بصوت عال، وتسافر وحدها "انظروا الشروط الشكلية للتحرر"، كان من المفروض أن ألتقي هذا الكائن المختلف صدفة على حافة درجة أخيرة من درج عمارة كبيرة، هي نازلة وأنا صاعد، هناك أعطيها صيحة وصولي وتعطيني هي دهشة سقوطها الجميل في شباكي أو ألتقيها في عيادة طبيب أسنان، أكتشفها هناك جالسة بإرهاق عينيها العميقتين، وتعب روحها الجميل، تسند رأسها إلى جدار في قاعة انتظار المرضى، غير عابئة بمن يحدق فيها ويراقب اختلال توازنها. سنوات طويلة من أحلام اليقظة والمنام ذكورية الفضاء والأساس، استجبت فيها لنحنحات جدي ووصايا أستاذي وحكمة إمام الجامع التقليدي، وسرعان ما عرفت أن معظم أصحابي يحلمون بنفس ما أحلم، يبحثون عن امرأة لا تشبهها امرأة أخرى، وبعد تغيير ما "أزعم أنه حدث ببطء شديد، في شخصيتي" تغيير أطمح بقوة إلى تطويره إلى الأمام راقبت المشهد الفظيع لأحلام الرجال وهم يبحثون عن امرأة خاصة، بدوا لي وكأنهم يبحثون عن مدينة جديدة غريبة، يقتحمونها، بعيونهم المفتوحة والمفضوحة، يعبرون أنفاقها بعين سائح مندهش وفارغ، يجوبون أزقتها ودروبها، يتحسسون جدرانها القديمة بفم مفتوح، ثم سرعان ما يسأمون، ويغادرون، ليحلموا بمدينة أخرى، بانتظار فضول جديد، وهكذا هم رجال الأحلام الفارغون.

هكذا صارت ظاهرة البحث عن امرأة جديدة لعبة ذكورية مفضوحة ومخزية، لا تمت إلى قناعات إنسانية وأفكار عميقة ونظيفة بصلة، حين أنظر بعين المرتبك والمشوش إلي أحلامي السوداء هذه أشعر بخجل كبير وأتمنى لو أحرق هذه الفترة من حياتي حرقاً لا يبقى منها هشيمها، فأنا لم أعط هذه المرأة الخاصة حق الاعتراض أو الرفض أو حتى السخرية مني ومن نظريتي، ولم أنظر إليها نظرة إنسانية عادلة ككائن يمتلك أحاسيس وذاكرة وقلباً تماماً مثلي، أنا لم أفهم نفسي، ولم أعرفها لم أعرف من أنا، كنت ذكراً أعطي حق الاختيار وحق الطلب وحق الإحتقام وحق الغطرسة وحق عدم الشعور بالذنب، أما هي فجاهزة لشروطي ومزاجي وأمراضي، قابعة هنالك في أقصى القاعة بانتظاري أنا، يكفيها سعادة وصولي!!!، ومتعة اختياري لها!!!، أليست هنا بهجة المرأة؟ أن يتم اختيارها، أن يتم تفضيلها على أخرى؟!

لو حدقت ملياً في أعماقي آنذاك لما تورطت في أحلام الرجال هذه، هل كان يجب أن يمر وقت طويل أسود وأبله حتى أعرف أني كنت رجلاً قديماً، رجلاً قديماً يبحث عن امرأة جديدة، كيف؟ كيف يلتقي القديم مع الجديد؟

كان يجب أن أعرف مبكراً أنني فقط حين أصبح جديداً يحق لي البحث عن امرأة جديدة، كان يجب أن أعرف مبكراً أن المرأة أيضاً يحق لها أن تحلم برجل جديد، يحق لها أن تختار بشروطها هي، شرط أن تكون جديدة أيضاً.

الجديد يبحث عن جديدة، والقديم يبحث عن قديمة، أليس عادلاً هذا المنطق؟

المفرع أن الظاهرة نفسها كاذبة، إنها لعبة رجل مدلل أعطاه التاريخ حق المصادرة والإقصاء، والإقتحام غير المؤدب.

ما الذي أريد الوصول إليه من هذه السطور؟

هل أريد أن أقول إني رجل جديد الآن؟ أن تكون رجلاً جديداً يعني أن تنسجم أفعالك مع أقوالك، أن تفهم هذا الكائن فهماً إنسانياً وعلمياً وضميرياً، أن تعرف أنه لا يختلف عنك سوى بالبيولوجيا، أحياناً أعمل لنفسي تمارين، وامتحانات، أسقط أحياناً وأنجح مرات، أشعر أن التغيير موجود لكنه غير كاف، أحياناً أقبض على نفسي متلبساً بسلوك ذكوري فاضح، فيجن جنوني.

لكن مجرد الوعي بالمأساة والاعتراف بالهزيمة، هو تطور كبير، أليس كذلك؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق