جنون القمر

وحدها في البيت، وحده هناك يستعد لاكتمال جديد ، في المدينة صمت كثير وجنود، هي ليلة صيف وموت، وهي بنت شابة تعيش مع اختها ، اختها هناك الان عند اهلها فى مدينة بعيدة، هي ليست من برج السرطان لتحتفي بالبيت واشيائه الصغيرة ولتبتسم طويلا وهي تتجول نصف عاريه في غرفتين ومطبخ ونافذة وحيدة واسعة، الموت والصيف والليل وغياب اختها هو ما غمرها بروعة اكتشاف البيت وبهجة المشي فيه وتحسس موجوداته التى فوجئت بها في بيتها وتلك التى تعرفها، يا لجمال فوضى مكتبتى وفراشي وفناجين قهوتي وخزانة ملابسي ومطبخي والبوم صوري وعلب ومنافض سجائري، ويا لاهمية غياب الاخوات !‍‍‍‍, انزلت صورة صديقها الشهيد عن الحائط و هي تتمتم معتذرة او خائفه او لسبب لا ندريه, نثرت صور البومها على الارض، مزقت دفتر المذكرات الداخلية التابع للمؤسسة التي تعمل فيها، القت بهاتفها الخلوي من النافذة ، اغرقت رسائل حبيبها اليها ورسائلها اليه وزجاجات عطرها فى المرحاض ، خنقت تلفازها الصغير ببطانيه والقته فى الزاوية، خلعت ستيانتها ولباسها الداخلي وعلقتهما على حافة النافذة, ولم تتوقف عن الابتسام, هى ليلة صيف وغياب وموت، وقمر شديد الغرابة،
اطلت عليه من نافذتها التي تشبه نجدة مقيمة فى منزلها، مستديرا وكاملا وقويا كان، احست به يلهث،
هل كان يركض؟
ام هى التي كانت تركض؟

يا الله اهي المرة الاولى التى اراه فيها بهذا الشكل؟
ام هي المره الاولى اتى انظر اليه فيها بهذا الشكل؟
يا له من نص مفتوح لا قتراحات المخيلة!

فى المدينة هناك فى منطقة بعيدة حيث يعيش اهلها الان و في سنوات بعيدة كانت تاخذها امها من يدها الى االسطح وهي صغيره وتقول لها:
- انظري اليه يا حبيبتى ولكن لا تطيلى النظر
كانت تطيع امها شاعرة بخوف شدي, وفى غرفتها الصغيرة وسط اخوتها المكومين حولها وعليها كانت تسرق اليه بضع نظرات صغيرات ومتقطعات ، كان هو بالفعل مريبا وقويا وذا عينيين مفترستين تتحرك فيهما كائنات غير حنونة غريبة واشكال غير معقولة لشجر وبيوت وحيوانات وجبال.
هل القمر لكل الناس يا امى؟
عندما تكبيرين تعرفين، نعم شىء من هذا القبيل
لماذا يطيل اخوتي النظر ولا تزجريهم ؟
اخوتك ذكور وانت--------
هل القمر يهودي يا امي؟
شىء من هذا القبيل حين تكبرين------

ماتت الام واختفى السطح وبقى الخوف والمدينة، طلقات في الخارج وصوت دبابات، النافذة مفتوحة مطلة على شجر كثير وخلاء ،الستائر تترنح بفعل ريح الصيف الخفيفة،
مالذي يجري في بيتى؟
ضوء ينهمر فجاة ويلتهم الستائر والجدران وكل شىء, رات نفسها تطفىء زر الكهرباء، احست بجسدها محمولا على اكتاف ما ،ضوء غريب لا لون له كأنه حلم، الطلقات تزداد كانها تقترب من بيتها ،صوت دبابة يهدر فى الجوار، بيتها يتعرض لغزو مدهش كذلك جسدها, فجاه احست بالطلقات تتوقف ، والدبابه كانها تجمدت او ذابت، قوة ما مددتها على السرير قوة ناعمة وخبيرة ،يدها تتحرك على عنقها واذنيها، باطراف اصابعها تتحسس نهديها الصغيرين، الحائرين والمتفاجئين من هذا الضوء وهذاالشعور،
كأن كل شىء اختفى ، اين هي الان ؟
اين المدينة؟
اين الطلقات والدبابة؟
اين الصيف والموت والليل؟
لم تعد يداها تتحركان ، هاتف ما همس لها:
تمددى واصغ الى نبض الالوهة فيك، صوت الموت, رمت يديها على جانبيها ، احنت راسها باتجاه النافذة ،ا حست برغبة فى البكاء ، الضوء يواصل جنونه وامتداده ، تشربته كل اشياء الغرفة ،حتى كأن كل ضوء العالم تجمع في غرفتها،ضوء مراوغ وصامت ومحب وذكي كأنه الله ا و الحب الدبابة تقترب من بيتها، وشاب خائف يختبىء خلف نافذتها، نافذتها المخطوفة المضاءه بشكل جيد،الشاب يلهث وهي لا تسمع انفاسه ، هي الان غريقه انفاسها وحشرجات ستارتها، الدبابة خلف البيت والشاب يتكور بجسد حزين وهزيمة منتظرة خلف نافذتها بالضبط، لا ا حد يسمع احد، كل دائخ بسجنه ومصيره، يدان لا تعرفهما حول السرة ،الدبابة حول بيتها ،الشاب حول موته، تتحرك اليدان الغريبتان بانخطاف مروع تجاه الشق المختبىء البنفسجي، ذلك الاله المخذول المعذب منذ حضارات عديدة ، بطرف اصبع واحد يتحرك سكرانا ومذعورا راس المهرة االمبلولة ، ينفجر صياح ما، ويطلق الشاب شهقته الاولى مستعدا للذهاب الى جنته الموعودة،السماء ضوء غامض يلغي الدبابات و الطائرات ويخترع سماوات جديدة والصيف لم يعد صيفا ، صار رعدا.. تداخلت الفصول، خان الشتاء امطاره، ووقع في غرام الصيف، اشتبكت الحواس فى تبادل مهووس لادوارها ومواقعها ، تركت القطط اطفالها في العراء والبرد، خرج المجرمون من السجون الي االشوارع فقد انتحرت شرطة المدينة، وطعن مراهق جدته ، تسللت امراة سمراء الي بيت الطالب المجاور تاركة زوجها يغط في دمه، اما هو فما زال مستديرا وقويا وواسعا وغامضا ، تسقط الشابةعلى الارض ، تنزف ولاء وهياما وفوضى ، ، رات نفسها تصعد اليه ممددة على خاصرة كائن ضوئى ساطع ، مددها علىاريكة بجانبه، قبلها بين عينيها، نثر فوقها ست نجمات مخبات فى كمه بينما انحنت هى لتلقي نظرة اخيرة وحزينة على، سطح بيت صار انقاضا .


0 التعليقات:

إرسال تعليق