مقاطع من يوميات نادلة صغيرة

الخميس :

اليوم شعرت بارهاق شديد فقد طلب مني صاحب المقهى ان اجلس مع الزبائن من المثقفين ، احادثهم وامزج معهم وافرح بنكاتهم واندهش من قصائدهم العظيمة ، وان اصدر اصواتا ناعمة حين اعبر عن اعجابي بالديوان الاخير لاحدهم ، وان لا اغضب حين يمدون ايدهم عفوا طبعا الى يدي ، بالعكس ينبغي ان ابدي سعادتي بمد ايدهم ، فعلت ما طلب مني صاحب المقهى ، جلست مع شاعر اقسم الف مرة ان عيوني هي ملهمة نصه الاخير ، ووعد انه سيهديني ديوانه القادم ، شاعر اخر همس في اذني وانا اضع له زجاجة الجعة على الطاولة : هل استطيع ان اراك الليلة ؟؟ روائي متجهم يجلس دائما بجانب النافذة ويحب تأمل الشارع والشمس الخفيفة والمارة ,

ناداني بيده فأتيت راكضة : هل انت متأكدة انك لست بشاعرة او روائية عيناك تقولان ان داخلك فنانة مدفونة والقدر ارسلني لان افجر موهبتك الراكدة بانتظاري ، ساعزمك هذه الليلة على شرفتي ، هناك وسط اصص الورد وهمسات الريح الناعمة ، سنكتشف معا مواهبنا وميولنا الخبيئة ما قولك؟؟ لم اعرف كيف اجيب ، هززت رأسي ، سمعت صوتي : بصير خير يا استاذ وكنت اتلفت لاراقب عينى مديري الجهنميتين ، كان يراقبني .


الاحد :

فوجئت بطلب غريب من رسام يجلس دائما في الزاوية ، هل استطيع ان اخذك الى محترفي وارسمك هناك ؟؟ صاحب المقهى هددني بالاقالة اذا ما رفضت دعوة الرسام الموهوب فالرسام زبون دائم وخسارته فاجعة للمحل فهو يشرب جعة بغزارة ، اضطرت للموافقة ، كنت مرعوبة وانا ادخل محترف الرسام ، اغلق الرسام الباب ، وطلب مني ان اتعرى ليرسمني وحين رفضت بقوة اتهمني بأني رجعية وغبية ومغلقة ، وطردني شر طردة ، في اليوم التالي خصم المدير عني اربعة ايام واعتذر للرسام نيابة عن المحل ،




الثلاثاء :

صاحب المقهى طلب مني ان البس فستانا قصيرا هذا اليوم ، وان ابرز مجرى نهدي ، فهنا ستعقد مساء امسية شعرية لشعراء عظماء ، فعلت ما طلب صاحب المقهى ، فعلت ذلك وشعرت انني بنت اخرى لا اعرفها ، بدأت الامسية ، رحت اوزع زجاجات الجعة على الطاولات ، لاحظت ان عيون جمهور الشعر بدأت تتجه نحو سيقاني ونهدي ، شعرت بخجل شديد ، تعثرت بطاولة ، وقعت ، انكشف الفستان بشكل كامل عن سيقاني، ضحك الجمهور، ،سال لعابه ، انفضت الامسية كما بدا من انفكاك الجمهور عن الشعراء وتوزعهم على اطراف المقهى ، الشعراء بقوا وحدهم يلقون الشعر على بعضهم ، هجم الكرماء على جسدي يدعون انقاذه من التعثر ، شعرت بايدهم الخشنة تتحسس جلدي المرتبك ، هربت من المقهى ، تهت في الشوارع ، لم اذهب الى البيت ، كنت اتألم بصمت .


الجمعة :


ابي مريض جدا ، كم اشتقت لامي ! سازور قبرها غدا ، اخوتي الصغار بحاجة الى كتب واقلام، وزي مدرسي وطعام ، ساضطر للعودة الى المقهى ، يا الهي لا حل غير ذلك ،
السبت : صاحب المقهى طلب مني ان اذهب معه الى بيته لنحضر معا اغراضا للمقهى ، مشيت معه ، حين دخلنا البيت اغلق الباب خلفه ، نظر لي بعيون شهوانية ، ركضت نحو النافذة وقفزت ،
الاثنين : انها جازتي انه موتي ، انا محمولة على نعش ، فوق كتفي رجلين لا اعرفهما
لا احد في جنازتي ، المدينة هادئة ، لا احد يبكي ، لا نساء يتحسرن على شبابي ،
اسمع الان صاحب دكان يقول لجاره ، هذه جنازة بنت عاهرة ، القتها صاحبة البيت من النافذة بعد ان ضبطتها مع زوجها . الان انا اهبط الى حفرة مظلمة ، الاكتاف الاربعة تغادر ،
وحدي في مكان معتم ، الغريب اني لم اخف ، بل شعرت بألفة غريبة ، فهذه العتمة تشبه عتمة بيتنا الصغير ، حين كانت تقطع عنا الكهرباء بسبب االعجز عن دفع فواتير الكهرباء .

0 التعليقات:

إرسال تعليق