عايد عمرو يعوي ياسمينا


***

عوووووووو... وتنهض من ليل عوائه تلال من ياسمين الشعر والشمس والحب، سنفاجأ هنا بشعرية عايد روحاً ولغةً ورؤيةً، وسنتساءل مربكين: أين كان الذيب يخفي هذه الأنهار من الأحاسيس الشعرية الإنسانية؟ أفي جيوب بِذله الداخلية؟ أم في حقيبة السامسونايت السوداء الـمخبأة تحت سريره؟ أم تحت لسانه الـمعد لـملاحقة فاسدي البلاد؟ كان من الصعب علينا نحن مرافقي عايد في كل مكان وأصدقاء ذكرياته في رام الله ولبنان وإربد الإيمان بشعرية شخصيته، فهو رجل عسكري قاسي الـملامح والصوت والجسد، ربته كتيبة الـمشاة في بيروت على الانحياز للقسوة، على اعتبار أنها رديف الصلابة ومجاز الصمود، في وطن رائع ما زال يسرق منا بحسن نيته الجميلة إحساسنا اليانع بالجانب الآخر من الحياة حيث تنمو هناك غيوم وأغانٍ وأزهار وفنون ونساء، وأشواق، أخفى علينا الذيب القسم الرومانسي من شخصيته، أخفاه بخجل الـمقاتل في الـميدان، وذكاء الجسد الـمعذّب وهو يتمزّق تحت شروط بذلته العسكرية، التي خلعها عن جسده، تفرغاً لـميدان قتالي آخر هو الصحافة الشجاعة، لكنها لـم تخلعه عن قلبها ودلالتها الوطنية النضالية، فظلّ عايد في نظرنا جميعاً مقاتلاً عسكرياً حتى أمام حاسوبه في جريدة "الحياة"، والذي كان حصانه الـمتين لـمطاردة الكذابين والـمنافقين والفاسدين، يصادف اليوم، الثامن من كانون الأول، الذكرى الأولى لرحيل الذيب الذي لـم يسكت عواؤه مع سكوت قلبه، ففي كل مكان: في سوق الخضار وشارع ركب ومقهى الحمير ووادي الجنان حيث الجريدة، يعيش عواء عايد بهدوء أنيق الوجدان وحلو الـمشاعر، ونبيل الأهداف، نامياً ومزدهراً في هوائنا مع كل قصة حب تنمو على أطراف صدف معيقة لعينة، وحكاية دموع فقير خجول، على أطراف ظلـم.


عواء مفخخ بالياسمين

"ستكبرين،
وستتذكرين في أيامكِ أن ذئباً كان يعوي عليكِ"

(1)
...في مساحة الابتعاد
وبعد الـمسافات
هناك ضيق البصر
واتساع البصيرة
وخذلان أصابعي
عن لـمس شفتيكِ
لأقبلهما في ليلي الطويل
(2)
أقف على أبواب العتمة وحيداً
أمد يدي في الفراغ
أكون مثل متسول السوق
واثقاً أن عابراً سيمسكها
إلا أنني قبضتُ فراغاً...
وما عادت يدي
(3)
تلك الـمتاريس تلعنني
من الوصول
إلا أن الوردة التي أحملها
خبأتني في نسغها
وما وصلتُ بعد
(4)
يكفيني برعم أشمه
ليبقى وريدكِ وردكِ
(5)
لياليّ تكون مقمرة بكِ
ولكن هذا الليل طويل
فأي نجم يحضر
ولا يكون عابر سبيل
(6)
عندما أمصّ شهد رمانكِ،
وتنامين على صدري،
وأحتويكِ
ستعرفين أن فجرنا بعيد

ــــــــــــــــــــــــــــ


إليها... حيثُ تكون ولا أكون
"والـمشتعلاتُ بأوذارهنّ
و(ك...) تأخذني إلى الغواية"

(1)
أراكِ ترمين بين قدميك ما جنيت من أخطاء
لـم أكن أنتظرك
كنت مشغولاً بالتنقيب في عوائي عن معنى الأسى
فأي الـمعاني ترمينها
حتى لا تكتمل سيرورتي
(2)
هذا وجهكِ يضيء ليل سهري
نتسربل الحديث الدافئ وأغنيات
لي صوت يشبه عواء الذئب تماماً
وأجتر ذكريات
(3)
فمن يسقيك الـماء وأنت نائمة على سرير النار
تتكاسلين الوقوف
وأسمع بحة صوتك العطشى
أسحب نفسي لألقي القبض على يدكِ
الـمدى كان أخضر
وكنا قريبين من زهو الرمان
(4)
الليل في منازله الأخيرة
أرى السماء مزدحمة بالنجوم
وأنت كنت تغيبين ليلة أو ليلتين
تدخلني الهواجس
وعندما تهبط نجمة من علوها
أقول لها لا تهوي
إذا كانت أنتِ".

عايد عمرو
رام الله-شتاء 2008

0 التعليقات:

إرسال تعليق