يدها التي تبتسم

أجلس بجانبها في قاعة سينما ومسرح القصبة، نشاهد مسرحية نصف فكاهية محاطَين بحشد هائل من الضحكات والأنفاس، كان اسمها هيفاء، كان اسمي زياد، لا نتحرك، لا نضحك. من أنا؟ من هي؟. أمقعدان ناعسان في حديقة مدمرة؟
أحس يدي تتململ، أحس يدها تبتسم، أضغط على راحة يدها، أسمعها تتمتم بضع دمعات، أحني رأسها على كتفي، تهمس لي، أهمس لها:
ــ لنغادر، أرجوك، لم أعد أطيق هذا المكان.
ــ لنبق حتى المشهد الأخير، أرجوك، حتى المشهد الأخير.
في اللقطة الأخيرة من المشهد الأخير، وأمام بلاهة وذهول المتفرجين، كان زياد وهيفاء يخلعان عن جسديهما ثيابهما الأرضية الثقيلة، يسلخان بشرتهما الآدمية، يسحبان من عيونهما برفق وقلق وحب أجنحة شفافة من حرير مكسور، وموت ملون، يحلقان خفيفين فوق رؤوس الحشد الهائل، ينسلان من شقوق النوافذ إلى حيث لا يعرف أحد، الحشد الهائل يغادر المسرح مرتبكاً حائراً في شارع ما، من مدينة ما، كان رجل يغمغم لصديقته الخائفة:
ــ لماذا لا نتحول إلى فراشتين كهيفاء وزياد ونغادر هذا العالم؟
في غضون ليلة واحدة كانت رام الله، تتحول رويداً رويداً إلى مدينة من فراش يتطاير من شارع إلى شارع، من خوف إلى خوف، كانت المسارح فارغة، الستائر مسدلة، وحده فني الإضاءة، وقف في الظلام المخيف مذهولاً أمام جثث الممثلين المنتحرين.

0 التعليقات:

إرسال تعليق