لو قيل لجائزة مؤسسة محمود درويش: اذهبي أنّى شئت واختاري صاحبك، لوصلت بخيلاء وسعادة ودون لحظة تردّد إلى بيت أحمد دحبور في حمص، تطرق بابه وترمي نفسها في حضنه، فيجهشان معاً في التناغم، لكن الجائزة تم اعتراض طريقها، والذهاب بها مرغمةً إلى كاتبة عربية نحترمها ونقدّر منجزها الإبداعي ترجمةً وكتابةً، لكنها للأسف ليست من تبحث عنها الجائزة الآن.
أحمد دحبور، في حمص / الـمنفى، مريض ومتألـم ومندهش مما يحدث له، فقد عاد إلى الـمنفى من بلده فلسطين، وهي حالة غريبة لا تحدث إلاّ مع شخص متعب ومخذول، ويمتلك أسباباً قويةً لاختيار الـمنفى بديلاً عن بلاده التي طالـما احترق بها ولها شعراً وكتابةً، وحلـم بها مناماً وصحواً، وما بينهما، كانت الجائزة فرصةً مواتيةً لـمنح الولد الفلسطيني إحساساً بجدوى حرائق الحلـم والـمنفى والكتابة، التي تلظّى في أتونها طيلة سنوات عمره، وطريقة بالغة الإنسانية والوفاء والوطنية لتبليغ الشاعر والناثر ــ صاحب درر أعياد الأربعاء ــ اعتذار البلاد وطلبها الـمغفرة منه.
جميل أن تذهب إحدى الجائزتين إلى الشاعر والروائي الجنوب إفريقي برايتن برايتن باخ، وكان جميلاً لو ذهبت الثانية إلى فلسطيني كأحمد دحبور لتكون جائزة الـمؤسسة بمنزلة جناحي نسر كوني ووطني يحلق في فضاءين، فضاء الثقافة الوطنية تتويجاً وتجسيداً ليوم الثقافة الفلسطيني، الذي اكتسب معناه من ذكرى ميلاد شاعر الغيم والريح محمود درويش، وفضاء الثقافة العالـمية التي أضاء دلالتها منح إحدى الجائزتين لبرايتن برايتن باخ.
ابن حيفا الرهيف والحساس الـمليء بالجراح والـمنفى، يستحق جائزة شاعر حيفا الكبير، فحيفا أولى الـمدن، أولى القصائد، وأول الألـم لكلا الشاعرين، محمود وأحمد.
ابن فلسطين الـمعذب بفلسطين والعذب فيها يستأهل جائزة سيد فلسطين، لو فكّكنا جينات روح أحمد دحبور لاكتشفنا أنها مكونة من ثلاث بؤر: الشعر والـمنفى وحيفا، يا له من فأل سيئ، أن تكون أولى بشائر مؤسسة محمود درويش هي خذلان توقعات الـمبدعين والـمثقفين، والتعالي على نتاجاتهم، باسم رجل نادر الـموهبة والذكاء هو أعظم الـمبدعين: من لـم يتوقع منا أن الجائزة ستذهب إلى أحمد دحبور؟ من لـم يتوقع من كتابنا ومثقفينا أن تكرم الجائزة أحد مبدعي الثقافة الوطنية في يوم الثقافة الوطنية؟ كسلـمى خضراء الجيوسي أو مريد البرغوثي أو علي الخليلي، أو حنا أبو حنا وآخرين؟. فكرة جميلة أن تكون هناك جوائز باسم الحبيب الراحل، هذا قرار رائع لـمؤسسة محمود درويش، لكن الأجمل والأعدل والأقرب إلى روح الجائزة ودلالتها الـمعنوية الكبرى هو ترك الجوائز تذهب إلى حيث تختار هي أصحابها دون تدخلات من هنا وهناك.
صدقوني الجوائز تعرف أصحابها. كما عرف دحبور صاحبته حيفا شجرةً شجرةً، وظلاً ظلاً، حين زارها أولَ مرة، وبحث بشكل جنوني عن شجرة سرو كانت أمام بيته، ليكتشف فجأةً أنه واقف على جذعها الـمقتول والـمسوّى بالأرض.
أنا الولد الفلسطيني
أنا الولد الـمطل على سهول القش والطين
خبرت غبارها ودوارها والسهد.
üüü
كبرت وغيرت لي وجهها الأشياء، تساقطت الجراح على الربابة، فانبرت تصدح،
بلاد الله ضيقة على الفقراء.
مقطعان من قصيدة (أنا الولد الفلسطيني) للشاعر أحمد دحبور.
أحمد دحبور، في حمص / الـمنفى، مريض ومتألـم ومندهش مما يحدث له، فقد عاد إلى الـمنفى من بلده فلسطين، وهي حالة غريبة لا تحدث إلاّ مع شخص متعب ومخذول، ويمتلك أسباباً قويةً لاختيار الـمنفى بديلاً عن بلاده التي طالـما احترق بها ولها شعراً وكتابةً، وحلـم بها مناماً وصحواً، وما بينهما، كانت الجائزة فرصةً مواتيةً لـمنح الولد الفلسطيني إحساساً بجدوى حرائق الحلـم والـمنفى والكتابة، التي تلظّى في أتونها طيلة سنوات عمره، وطريقة بالغة الإنسانية والوفاء والوطنية لتبليغ الشاعر والناثر ــ صاحب درر أعياد الأربعاء ــ اعتذار البلاد وطلبها الـمغفرة منه.
جميل أن تذهب إحدى الجائزتين إلى الشاعر والروائي الجنوب إفريقي برايتن برايتن باخ، وكان جميلاً لو ذهبت الثانية إلى فلسطيني كأحمد دحبور لتكون جائزة الـمؤسسة بمنزلة جناحي نسر كوني ووطني يحلق في فضاءين، فضاء الثقافة الوطنية تتويجاً وتجسيداً ليوم الثقافة الفلسطيني، الذي اكتسب معناه من ذكرى ميلاد شاعر الغيم والريح محمود درويش، وفضاء الثقافة العالـمية التي أضاء دلالتها منح إحدى الجائزتين لبرايتن برايتن باخ.
ابن حيفا الرهيف والحساس الـمليء بالجراح والـمنفى، يستحق جائزة شاعر حيفا الكبير، فحيفا أولى الـمدن، أولى القصائد، وأول الألـم لكلا الشاعرين، محمود وأحمد.
ابن فلسطين الـمعذب بفلسطين والعذب فيها يستأهل جائزة سيد فلسطين، لو فكّكنا جينات روح أحمد دحبور لاكتشفنا أنها مكونة من ثلاث بؤر: الشعر والـمنفى وحيفا، يا له من فأل سيئ، أن تكون أولى بشائر مؤسسة محمود درويش هي خذلان توقعات الـمبدعين والـمثقفين، والتعالي على نتاجاتهم، باسم رجل نادر الـموهبة والذكاء هو أعظم الـمبدعين: من لـم يتوقع منا أن الجائزة ستذهب إلى أحمد دحبور؟ من لـم يتوقع من كتابنا ومثقفينا أن تكرم الجائزة أحد مبدعي الثقافة الوطنية في يوم الثقافة الوطنية؟ كسلـمى خضراء الجيوسي أو مريد البرغوثي أو علي الخليلي، أو حنا أبو حنا وآخرين؟. فكرة جميلة أن تكون هناك جوائز باسم الحبيب الراحل، هذا قرار رائع لـمؤسسة محمود درويش، لكن الأجمل والأعدل والأقرب إلى روح الجائزة ودلالتها الـمعنوية الكبرى هو ترك الجوائز تذهب إلى حيث تختار هي أصحابها دون تدخلات من هنا وهناك.
صدقوني الجوائز تعرف أصحابها. كما عرف دحبور صاحبته حيفا شجرةً شجرةً، وظلاً ظلاً، حين زارها أولَ مرة، وبحث بشكل جنوني عن شجرة سرو كانت أمام بيته، ليكتشف فجأةً أنه واقف على جذعها الـمقتول والـمسوّى بالأرض.
أنا الولد الفلسطيني
أنا الولد الـمطل على سهول القش والطين
خبرت غبارها ودوارها والسهد.
üüü
كبرت وغيرت لي وجهها الأشياء، تساقطت الجراح على الربابة، فانبرت تصدح،
بلاد الله ضيقة على الفقراء.
مقطعان من قصيدة (أنا الولد الفلسطيني) للشاعر أحمد دحبور.
0 التعليقات:
إرسال تعليق