زياد خدَّاش: بين خجل الحضور وجرأة الكتابة

زياد خدَّاش: بين خجل الحضور وجرأة الكتابة
أجرى الحوار:ميس سرحان
● ● ●


هو رجل الحضور والغياب، الواقع واللاّواقع، يأخذك معه إلى عالـم الاندهاشات الـمتجدّدة، فمن الـمدينة إلى الـمقاهي إلى الـمخيم فالسهول والجبال، تعيش معه في حالة تأمل؛ لتنساق مع أفكاره وعالـمه الذي لا يخلو من لحظات الجنون. يحبّ الـمرأة ويعشق غيابها، يجعل من جسدها سيمفونية تعزف ألحان الفرح والحزن، ومن عقلها لغةً تخاطب بها مفاهيم العصر، وتتمرّد على ثقافته الجامدة، فتكتشف ذاتها وتفخر بجسدها وعقلها.
لغة زياد لغة متحركة وجميلة وقوية، لكنها جريئة وغير محتشمة، لا تخلو من الاضطراب؛ لأنها تتحدث عن هموم إنسانية، ترحل بسلاسة في سراديب النفس؛ لتخرجَ حالةً من الفوضى والجنون والهروب التي يعيشها كل منّا.
زياد خدَّاش، قاصّ فلسطيني لاجئ من بيت نبالا، قضاء مدينة الرملة، ولد في القدس العام (1964)، وتخرّج من جامعة اليرموك في الأردن العام (1989)، ومنها بدأ خدَّاش رحلته بين التعليم والكتابة.
هذه الشخصية الـمتناقضة التي تجمع بين خجل الحضور وجرأة الكتابة تثير فضولاً أنثوياً للتعرف إليها، هي التي دفعتني نحو إجراء مقابلة صحافية معه، ومن هنا بدأت:

ü التظاهر والغضب والخوف والتحدي والشعور باليأس أحياناً للتعبير عن مأساة الشعب الفلسطيني، هذا ما يمكن وصف كتابات زياد خدَّاش به، هل لهذا علاقة بكونك لاجئاً؟
ــ من الطبيعي جداً أن أكون غاضباً كوني لاجئاً، ولكن هناك أسباب أخرى للغضب موجودة في شخصية كل إنسان، غير كوني لاجئاً، الغضب في قصصي القصيرة نابع من أرض أخرى غير أرض اللجوء، وهي أرض وجودية إنسانية بحتة، وأوسع من قضية اللجوء على الرغم من أني لا أنفي أن أرض اللجوء أرض خصبة للغضب.
ü كيف يرى زياد نفسه بين التعليم والكتابة الإباحية؟
ــ إنه الـموت بعينه، أن أكون في مكان (مدرسة إعدادية) يتطلّب مني أن أكون مرشداً، ومعلّـماً، وملتزماً، ومنظماً، ومراقباً، في الوقت الذي أكون فيه مؤمناً بالتجاوز والتحطيم والانفتاح والحرية وكسر الحواجز، هذا بدوره يجعلني أعيش تناقضاً هائلاً، أنا مضطر إلى مجاراته، ذلك أنها مهنتي التي لا أستطيع التخلي عنها. هناك معاناة هائلة وموت هائل كامل، فأنا لا أستطيع الخروج من الحصة، ولا أن أحدث طلابي عن معتقداتي التي أؤمن بها؛ فأضطر إلى الكذب عليهم أحياناً، وأضطر لتعليمهم الكثير من الأشياء التي لا أكون مقتنعاً بها، لأني إن حدثتهم عما أنا مقتنع به؛ فإنني سأكون في السجن أو القبر أو الـمنفى في اليوم التالي.
ü هل نرى في تركيزك على جسد الـمرأة إلغاءً لعقلها، وكأنها هي الجسد فقط؟
ــ الجسد هو عقل، أيضاً، فأنا أؤمن جيداً بأن في الجسد عقلاً، هناك مشاعر وأحاسيس، كما يوجد في العقل جسدانية ما، أتعامل مع الـمرأة ككيان مزدوج، لكني أركز على أسئلتها الجسدانية؛ بسبب ما توفره لي هذه الأسئلة من أسئلة أخرى وجدل ثقافي وحضاري؛ فحيثما وجد قمع ما؛ تجدني هناك أقفز أمامه محاولاً القبض على نسغه؛ لأفهمه وأناقشه وأتسكّع في مرافئه.
ü أهذا مبرر ليطغى جسد الـمرأة على عقلها في كتاباتك؟
ــ هذا ممكن؛ لأني أحب أن أتحرش بمنطقة لـم يقترب منها أحد بما يكفي كي أبحثها وأفهمها؛ أؤمن بأن الجنس ليس غريزة فقط، بل هو مشروع سلام وتصالح مع النفس، وإحساس إنساني وطريقة تفكير تقرب من الـمـطلق، وطريق سفر داخلي، وخيار عيش، ومنطق حب، وحرية حركة، الـمشكلة ليست في الجسد، الـمشكلة هي في فهمنا وموقفنا من الجسد، ثم إن الـمرأة في وعيي القصصي والشخصي ليست، دائماً، هي التي تنحاز للجسد وتستمتع به، بل هي، أيضاً، الـمضطهدة في البيت، والـمتعلقة بالفنون، والهاربة من الأرض، والتي تحاول أن تخرج حافية إلى الشارع مثل أخيها الذي لا يلومه على ذلك أحد، وتتحدى الخيارات التي يفرضها عليها زوجها أو رب عملها أو أخوها أو أبوها، ثم ما الـمشكلة في الحديث عن امرأة تبحث عن الـمتعة، أليس هذا موجوداً في واقعنا، مشكلتنا أننا نخجل من مواجهة ما نحسّ به، نمارس الـمتعة في الخفاء، ونتهرب منها علناً، هذه هي حضارة الـمصانعة والرياء، أعرف صديقاً يدعي الالتزام والاحتشام في الحياة والكتابة، ويلومني، دائماً، على كثرة مشاهد الجنس في قصصي، بينما كان يصنع الشاي في مطبخه، عبثت بمفضلة حاسوبه فعثرت على عشرات الـمواقع الإباحية، ولـم أجد موقعاً ثقافياً واحداً، صدقيني الـمشكلة في الذهن، في انسجام ما نحلـم به مع ما نفكر به، ثمة فجوة مرعبة تبعث على الشفقة. ادعاء الاحتشام مرض، أما الاحتشام نفسه فضعف.
ü لـماذا تعشق في نصوصك غياب الـمرأة أكثر من حضورها؟
ــ هذا سؤال رائع، الغياب أكثر فتنة وأناقة من الحضور، وهو شكل مغر من أشكال الحضور، لا أتكلـم عن الغياب الكامل، أنا أتكلـم عن الحضور الـمتقطّع؛ أي الحضور الغائب أو الغياب الـمتقطع، بمعنى أن تكون موجوداً ولكن ليس بشكل دائم، ذلك أن وجودها ــ في رأيي ــ بشكل دائم يجعلها متوقعةً؛ والتوقع مضاد قاتل للحيوية والإبداع والخصوبة الجسدية والذهنية. وهذا ينطبق على الرجل، أيضاً، الـمرأة تحب الرجل الذي يغيب، لأن حضوره الـمستمر، يقتل خيالها.
يكفي أن يترك الرجل أو الـمرأة روائحهما أو أصواتهما أو أطيافهما أو علب سجائرهما أو رغباتهما التي لـم يجرؤا على الإفصاح عنها، في الغرف والقلب والـمدن، ذلك أكثر لصوقاً في الذاكرة، وبعثاً للحيوية، وأكثر مثاراً للشغف. ما زلت حتى اللحظة أحتفظ بغصن شجرة لا أعرف نوعها كانت بنت أحببتها بصمت تعبث به بيديها وعينيها ونحن نجلس في متنزه رام الله في أوائل التسعينيات، سافرت هذه البنت بعد هذه الجلسة بساعات. لـم أنسها أبداً. دائماً أقول لنفسي: ماذا لو بقيت؟ بالتأكيد ما كان هناك غصن ما زال أخضرَ في غرفتي يلـمع في العتمة.
الغياب صحة وفرح، غيبوا تصحوا.
ü هل لهذا قلت: "سأطلب منك يد غيابك فهل تقبلين"؟
ــ نعم، فالغياب، دائماً، أشد استحضاراً للذكرى الـممتعة من الحضور، والذكرى لا تسبب مشاكل وخلافات، هي إناء طيب مليء بالسعادة والتفاح والحسرة الحلوة، الحضور نثر والغياب شعر، و أجمل من فلسف مفردة الغياب وأطلقها نحو آفاق بعيدة هو أستاذنا جميعاً محمود درويش الذي كان يميل في آخر قصائده إلى البحث في ذلك، وقد تطرق إلى ذلك بشكل أوسع وأجمل، كان يتحدث، دائماً، عن الغياب كفضاء هائل لحضور مختلف آخر.
ü وهل لهذا لاحظ قراؤك أن كتاباتك أصبحت تميل إلى الحزن بعد رحيل محمود درويش ؟
- جداً، وليست حزينة فقط، بل يائسة ومحطّمة، ففقد محمود درويش أثر علي، كنكسة ثقافية جماعية وخسارة شخصية، كما أثر عليّ فقد ــ مع محمود ــ كاتبين من أعز أصدقائي في الفترة نفسها تقريباً هما: عايد عمر، ويعقوب إسماعيل.
إن موت الأصدقاء أصعب أنواع الـموت، إن كانت هناك أنواع لهذا الـمجرم الهارب الذي لـم يحاكم حتى الآن.
ü تحدث لنا بالضبط عن الفراغ الذي عشته بعد فقدانك أصدقاء أعزاء وفي فترة قصيرة ؟
ــ صارت أسئلتي من نوع: لـماذا نحن هنا؟ وماذا ننتظر؟ وماذا يعني أن أكون كاتباً؟ وهل الكلـمات تحمي بيوتنا من سارق ثمار حدائقنا؟ وهل صحيح أن الأدب يجمّد الزمن ويقبض على ملامح الأمكنة؟ وجدت الـموت قريباً جداً مني، أشعر به، أحياناً، يلعب في حديقتي ويبول على نافذتي بل ويقطف ثمار شجري. يريدني أن أخرج إليه وأسأله: ماذا تفعل هنا؟ لكني لن أفعل، سأغيظه بصمتي.
ü التحرش لابد منه في عالـم الكاتب الفلسطيني زياد خدَّاش، بماذا ترد فيما يوجه إليك حول هذا الـموضوع؟
ــ كتاباتي تبدو ظاهرياً كذلك، (البعض سماها: مصائد للنساء) وكأنني أكتب هذه القصص لأحضر أو أغري الـمرأة بالـمجيء إليها / إلي، ولكني لست كذلك؛ لأن الرؤية أو الفلسفة التي أكتب بها هي عبارة عن خيار فني وفكري أؤمن به، وهذا ما عرّضني إلى العديد من الانتقادات الـمختلفة النبرات والـمستويات، وخاصة من جانب النساء؛ لأنهن يعتقدن (كما قلت أنت) أني أحتفل بالجسد بإفراط وأحتقر العقل بإفراط، يأتينني شبه ناقمات ولكن فضوليات أكثر، أودعيني أقل: نصف معجبات، ونصف غاضبات، ولسؤالي لـماذا تكتب هكذا؟ وهناك أخريات من نوع مختلف شغوفات بالحياة وبرمات من رتابة حياتهن، يبحثن عن التغيير، يعجبهن ما أكتب ويرين فيه مرايا لـما يحلـمن به.
ü إذاً، أنت هنا تخبرنا أن العديد من النساء قد توجهن إليك، واعترضن بطريقة مباشرة ؟
ــ نعم، كان اعتراضاً مباشراً، لكنه قد يكون أقرب إلى التساؤل والرغبة في الفهم، خاصة أني أكتب حول ما يحدث في حياتي، فأرد عليهن: ليست هناك مشكلة في أن أستنتج ما أود أن أكتبه من واقع حياتي، وأحاول أن أقنعهن بأن التوحد بين حياتي وما أكتبه يعتبر منتهى الصدق والإتقان، فحين يصل الكاتب إلى مرحلة يجعل من حياته وكتاباته شيئاً واحداً فإنه يصل إلى مستوى مهم فنياً، الانفصال عمل من أعمال التزوير، كما أن التداخل بين حياتي وما أكتب يجعلني مكشوفاً أمام الناس، وهذا ما يجعلني أكثر عرضة للغضب العارم من الرجال خصوصاً، ولا اعرف لـماذا؟ (وصلتني رسالة إلكترونية من رجل ما لا أعرفه، يتهمني فيها بأني مشوه رغم جمال ما أكتب، ويقترح أن أراجع طبيباً نفسياً لأشفى) هناك النقمة الأقرب إلى العتاب الغاضب والفضول الحائر من معظم قارئاتي. أحب هذا الجدل حول ما أكتب مهما كان نوعه، إنه يشعرني بالوجود.
ü إذاً، يمكننا القول إن من يريد أن يفهم أو أن يعرف حياة زياد خدَّاش فعليه أن يقرأ قصصه ؟
ـــ طبعاً؛ أصدق سجل لحياتي هو قصصي ونصوصي، سهل جداً أن يعرف قارئي كيف أنظر إلى الـموت والـمهنة والـمرأة والحياة وفلسطين وما أحب وما أكره... لكن ثمن ذلك متعب، إذ إنني، دائماً، بانتظار شتائم وأسئلة متلاحقة أو استغراب محب أحياناً وغير محب أحياناً أو شكوك خفيفة أو ثقيلة وإشاعات شخصية تبنى على مواقف وحوارات في قصص أكتبها، أنا شخص لا أستطيع مباشرة التحدث عن حياتي، لا أتقن البوح اللفظي، قصصي تتحدث عني وهي وفيّة، هذا لا يعني أن كل ما كتبته هو صحيح ومعاش؛ لأن الفن كما نعرف جميعاً أعمق وأبعد من كونه مجرد نقل وتصوير فوتوغرافي / حرفي لأحداث ومواقف.
ü إذاً، زياد يستطيع أن يفرّق بنفسه بين الخيال والواقع ؟
ـــ طبعاً، ذلك أنه لا بدّ من الحذف والخلط والتماهي والإضافة في الكتابة. العالـم الفني ليس هو الحياة نفسها. إنه الحياة في صيغ أخرى، لكليهما قوانين وشروط.
ü من أثر في خدَّاش من الكتاب أو الأدباء العالـميين ؟
ــ الأميركي والإنسان هنري ميلر، وقد ذكرت ذلك أكثر من مرة، وسأذكره كلـما سئلت، أو لـم أسأل، هو كاتب تخريبي ساطع الرغبات والأحلام، بكل ما في الرغبات والأحلام من جمال وغرابة وعذاب، ما يعجبني فيه صدقه غير الـمحدود في الكتابة والحياة. جدي لي كاتباً وصف في كتاباته حياته الجنسية مع زوجته، ووصف نفسه كيف كان يتسول في الشوارع، ويمد يده للناس عندما عاش فترة من التشرد والجوع في باريس، أرى أن هنري ميلر كاتب حقيقي فعلاً، لقد طابق روحه مع جوهر حياته ووصل إلى الكتابة السردية والشعرية الصافية، لست معجباً به إلى حد التقليد الذي يجعلني مثله، لا أرغب في أن أكون مثله، حين أعجب بشخص ليس بالضرورة أن أكونه، إنه تحديداً يعطيني الإلهام، والخيار الجمالي العام، ويتركني أبحث عن طريقي الشخصي وتفاصيلي، وأساساً أنا لا أستطيع أن أكون مثله كون كل منا له تجربة وحياة مختلفة، بالتالي هو كتب حياته لأنها كانت فريدةً، ومليئةً بالـمغامرات، وكلها تحد ومواقف تبدو مخترعة من غرابتها، وفقر شديد وصدمات عاطفية ومعاناة ذهنية وثقافية، ورؤى وجودية.
ü ولكن هل ترى أن من الجميل أن يقوم ميلر بوصف حياته الجنسية التي عاشها مع زوجته؟
ــ أراها مخيفة، والـموضوع ليس إن كنت معجباً بذلك أم لا، أنا معجب بقوة اعترافه واتساقه وعناده مع نفسه ومع الناس والوجود، هي حياته الشخصية، ولديه الحرية الـمطلقة في كتابة ما يريده حول حياته الخاصة أو العامة، أنا لا أستطيع أن أكتب أو أن أقوم بوصف شيء كهذا، يمكنك القول إني معجب بصراحته وصدقه فقط، وهنا لا أستطيع أن أكون مثل ميلر؛ لأنه كان في منتهى الجرأة والصراحة. يعني كان معتوهاً في عرف الناس، إذ إن الصدق الكامل كما نعرف عته أو موت أو طفولة، وهو ابن بيئة مختلفة وسياق اجتماعي مخالف لسياقي وحضارتي. لكنه علـمني كيف أكون حقيقياً جداً، وساخناً. وبدائياً في الإحساس، وشجاعاً في التفكير.
ü لـماذا لـم يكتب خدَّاش رواية حتى الآن ؟
ــ هذا سؤال يتكرر، وتكراره يرعبني، أخاف منه جداً ومن تكراره، أكثر من خوفي من كتابة رواية، الرواية عالـم شاسع وصعب جداً، وهناك الكثير من الناس يخبرونني أنهم استطاعوا كتابة أكثر من رواية وهم يبحثون عن ناشر، وإن رواياتهم ستحطم الذوق السائد وتحدث صدمة، وأنا أستغرب كيف وصلت بهم الجرأة إلى كتابة رواية ببساطة ودون معاناة وإلى الحديث عنها بهذا الرضى الـمخيف، هل تعرفين ما معنى أن يكتب أحد رواية؟! معنى ذلك أن ينزف روحه، أن ينتهك أعراف البلاد، أن يوازن بين حكايته الشخصية وحكاية العالـم، وأن يصل إلى مناطق اللاوعي الجمعي والفردي، إلى الأعماق الكونية، إلى النسيج الداخلي للشخصيات والأحاسيس،، إلى طبقة الأعصاب الدقيقة للوجود، وأن يبتكر شكلاً فنياً وتقنيات جديدة، تنضاف إلى تاريخ الرواية في العالـم، ما الذي يمكن أن يكتبه الإنسان روائياً في ظل هذا الزخم الروائي العالـمي؟ أشعر بخوف مخجل، وهذا لا يعني أنني لن أفكر بكتابة رواية، بل سأحاول، ولكن بهدوء، وخوف شديد، وبطء، وتشكك. وأنا أفضل أن أمضي عمري أفكر وأخاف وأتردد على أن أكتب الرواية وأفشل.
ü ولكن كتابة القصة تعد أصعب من الرواية ؟
ــ هذا صحيح، ولكني إذا قمت بكتابة مجموعة قصصية وأخفقت في واحدة، فستكون هناك أمامي فرصة أخرى لكي أنجح في الثانية، هنا تكون فرصة الفشل أقل من الرواية. الفشل في الرواية الأولى يعد مقتلاً لا حياة إبداعية بعده، هذا رأيي.
ü ألهذا يتعجب خدَّاش من الكتاب الذين يكتبون الرواية دون الـمرور بالقصة؟
ــ لا، هذا موضوع آخر، ذلك أن هناك العديد من الكتاب الذين قاموا بكتابة الرواية دون الـمرور بالقصة القصيرة ونجحوا، وهذه العبارة قلتها لوصف تجربة شخصية. وأنا أؤكد أن العديد من الكتاب ومنهم هنري ميلر كتبوا العديد من الروايات الناجحة دون الـمرور بالقصة، وأنا لـم أقصد القول إن القصة القصيرة هي عبارة عن عتبة أو مقدمة ضرورية ليبدأ بها كل كاتب، خاصة وأن كل كاتب يكتب ثقافته وحياته وموهبته. وأنا شخصياً لا أستطيع كتابة رواية دون الـمرور بتلك اللقطات الـمكثفة والخفيفة التي تحتاج إلى نفس قصير، كما أني أعتبرها تمهيداً للنفس الطويل الـموجود في الرواية.
ü ولكن هناك الكثير من قرائك، ومن بينهم أنا نرى أن ما تكتبه لنا في قصصك القصيرة سيجعل منك روائياً مبدعاً أيضاً ؟
ــ قد تكونين محقة، أشكرك على هذه الثقة، لكنها وجهة نظر قد يختلف معك فيها الكثيرون، فهناك العديد من الناس قالوا لي إن نفسي قصير، ولن أستطيع أن أصل إلى كتابة رواية. شكراً لك.

0 التعليقات:

إرسال تعليق