بانتظار نهوض الغزالة

امشي في شارع ما، ذاهبا كمسرنم الى احتمال نهوض غزالة ما في غابة افريقية بعيدة وعميقة من غفوتها الابدية، غزالة ماتت برمح في بطنها اطلقه عليها صياد جائع مات بعد ايام هو الاخر برمح قبيلة اخرى معادية لقبيلته، من يدلني على طريق مختصر للوصول الى ذلك النهوض الخرافي المحتم ؟
من يشير لي الى لحظة ندم الصياد الاخيرة او الى حيرته وسخريته من نفسه؟
من يسمعني ابتسامة الغزالة الميتة في قبرها المكشوف؟
الصورة بالابيض والاسود في الطريق، كأنها هي التي تعثرت بقدمي، هل كانت تبحث عني؟ ام انا الذي كنت ابحث عنها؟
ساعرّفكم على نفسي:
اربعيني وحيد جدا الى درجة الزحام، ينهض في الصباح الباكر جدا، ويعيش على امل صغير: هو ان يفاجأ بالغزالة تنهض من رقدتها النهائية، تتأمل ثقب بطنها الملتئم وتقضم تفاحة، وبالصياد المقتول وهو يعلن في محاضرة له في جامعة هارفرد عن زوال ظاهرة القبائلية من العالم، الصورة بالابيض والاسود في الطريق ، انحني الان لالتقطها، هل ترونني؟ انا اراكم.
امراة في الاربعين، شعر اسود هائج ومتلاطم يشبه قرية حدودية متمردة تتعدى على حدود دول اخرى مجاورة غير معترفة بالخط الازرق بين الدول، وتنشب بسببه حروب الجمال المبهرة ، العيون مثل فلسطين تماما، ندية وصافية ومعذبة وهاربة وخالدة
العنق يكاد يسيل على يدي، كأنه يتوق الى الخروج عن حدود الصورة دافعا المصور الابله ومحطما زجاج الاستوديو ولاطما يدي
يدي اللتين تمسكان بالحدود مثل حارس متجعد ايل للتقاعد.
من هي هذه المرأة؟
وكيف سقطت صورتها في الطريق؟
ولماذا هي بالاسود والابيض؟
حاولت ان اشرك طلابي في اسئلتي تدريبا لهم على هتك ستائر المخيلة والمضي قدما نحو اقصى الاشياء، ومريحا نفسي من حكايات خرافية واوهام أقتات عليها وحدي ليل نهار.
رفض طلابي تصديق امر هذه الصورة واتهموني بالخداع واحضار صورة اختي او خالتي او زوجتي حسب ما قالوا.
اصدقائي سخروا من اهتمامي المبالغ به بالصورة
قال لي احدهم: بالتاكيد هي مومس خرجت مسرعة من بيت احدهم وسقطت صورتها. كبرت مساحة الصورة والصقتها على طول وعرض جدار غرفتي فامتلأ هواء غرفتي. بتنهدات خافتة، استغربت الامر في البداية، لكني عرفت انها تنهدات صاحبة الصورة. فجاة سمعت كائنا حزينا يتكلم في ظلام الغرفة. ما الذي جعلك تهتم بي كل هذا الاهتمام؟ اقدام الناس كانت تمر عني وتركلني، الكلاب كانت تتشمم وجهي في الصورة وتهرب بعيدا؟ لاني مجرد صورة
الاطفال كانوا يتقاذفونني بين ايديهم الاصغيرة الرائعة وكنت سعيدة ولكنهم بعد ان يضجروا كانوا يتصايحون على بعضهم البعض : هذه امك هذه اختك.
فأكون سبب شجار عنيف بين عناصر القبائل التي ينتمي اليها الاطفال، يسقط فيه دم ودموع،
فاحزن،
احزن جدا واواصل ضياعي وتخبطي بين الاتربة وعجلات السيارات والريح واوراق الشجر
وايدي الصغار واحذية الكبار
وخجل عيون االنساء ورعبهن
انا مجرد صورة لماذا يخافون مني
مرة من المرات التقطتني يد امراة مسرعة تاملتني قليلا ثم القت بي في حاوية
انا صورة من كرتون وورق
بالابيض والاسود
لا اؤذي احدا
لماذا يخافونني؟
ما زلت انتظر نهوض الغزالة، ومحاضرة الصياد

29-7-2205

0 التعليقات:

إرسال تعليق